أخبار المشاهير

باريس: إيقاف حليمة بن علي استجابة لطلب تونس… والملف أمام القضاء الفرنسي

تفاصيل الإيقاف

أفادت وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس)، اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025، أنّ السلطات الفرنسية أوقفت حليمة بن علي، ابنة الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، بالعاصمة باريس.

وجاء هذا الإيقاف استجابة لطلب رسمي كانت قد تقدمت به السلطات التونسية، في إطار ملاحقات قضائية مرتبطة بملفات مفتوحة منذ سنوات تخص عائلة بن علي. ومن المنتظر أن تمثل حليمة غدًا الأربعاء أمام النيابة العامة بفرنسا للنظر في قرارها.

المسار القضائي

بحسب نفس المصدر، فإن الملف سيُعرض على المستشار المكلّف بالقضية، والذي سيبتّ في واحدة من فرضيتين:

  1. الموافقة على الترحيل إلى تونس لمواجهة التتبعات القانونية.
  2. إبقاؤها تحت المراقبة القضائية في فرنسا إلى حين استكمال دراسة الملف وتبادل الوثائق الرسمية بين البلدين.

ويرى مراقبون أنّ المسار القضائي قد يكون طويلًا ومعقدًا، بالنظر إلى حساسية القضية وتشابكها مع اعتبارات قانونية ودبلوماسية.

خلفيات تاريخية

اسم حليمة بن علي لم يكن حاضرًا في الإعلام بنفس كثافة أسماء أفراد آخرين من العائلة، مثل شقيقتها ليلى بن علي أو أصهار العائلة الذين ارتبطوا بملفات مالية وسياسية.

لكنّها مع ذلك تبقى جزءًا من المنظومة العائلية التي ارتبطت بمرحلة حكم بن علي (1987 – 2011)، وهي فترة تميزت بالجدل حول ملفات الفساد المالي، الاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة، والتهريب المالي إلى الخارج.

ردود الفعل في تونس

الخبر الذي نشرته “فرانس برس” أثار تفاعلًا واسعًا في تونس، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.

  • البعض اعتبر أنّ الخطوة تأخرت كثيرًا، وكان من المفترض أن يتم التحقيق مع جميع أفراد العائلة منذ سقوط النظام.
  • آخرون رأوا أنّ القضية قد تحمل أبعادًا سياسية، وأنّ توقيتها يرتبط بتطورات داخلية في تونس وبالعلاقات مع فرنسا.

في الأوساط السياسية، لم تصدر بعد تعليقات رسمية من الحكومة التونسية، لكن مصادر مقربة من وزارة العدل أكدت أنّ الملف يندرج في إطار تفعيل مذكرات التتبع الدولية التي أصدرتها تونس منذ سنوات.

البعد القانوني

قانونيًا، فرنسا ليست ملزمة آليًا بتسليم حليمة بن علي إلى تونس، إذ يخضع الأمر لعدة معايير أهمها:

  • وجود اتفاقية قضائية ثنائية بين البلدين تتيح تبادل المطلوبين.
  • مدى جدية الملف القضائي التونسي، وتوفّر أدلة معتبرة تبرّر الترحيل.
  • احترام القوانين الأوروبية المتعلقة بحقوق الإنسان وضمان المحاكمة العادلة.

وفي حال قررت السلطات القضائية الفرنسية إبقاء حليمة تحت المراقبة، فقد تستمر الإجراءات لعدة أشهر وربما لسنوات.

انعكاسات سياسية

إيقاف حليمة بن علي يفتح من جديد ملف “العائلة الحاكمة السابقة”، ويعيد إلى الواجهة أسئلة قديمة حول:

  • إلى أي مدى نجحت تونس في استرجاع الأموال المنهوبة من الخارج؟
  • وهل ما زال هناك أفراد من العائلة يتمتعون بحماية سياسية أو قانونية تحول دون محاسبتهم؟
  • وما الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا، باعتبارها بلدًا كانت له علاقات قوية بنظام بن علي قبل الثورة؟

بين العدالة والرمزية

بالنسبة لكثير من التونسيين، فإن إيقاف حليمة بن علي لا يمثل مجرد إجراء قضائي، بل هو رمز لمعركة طويلة ضد الإفلات من العقاب.

فبعد أكثر من 14 سنة على سقوط النظام، ما زال ملف العدالة الانتقالية في تونس مثيرًا للجدل، حيث يرى البعض أنّ المحاسبة كانت انتقائية ولم تشمل كل الأطراف، بينما يعتبر آخرون أنّ الإصرار على العودة إلى ملفات الماضي يعيق التقدم نحو المستقبل.

الإعلام الدولي يسلط الضوء

منذ نشر الخبر، تصدرت الواقعة العناوين في عدد من الصحف والمواقع الدولية. فقد اعتبر محللون أنّ الخطوة قد تكون منعطفًا مهمًا في العلاقات بين تونس وفرنسا، لاسيما في ظل ضغوط داخلية متزايدة على السلطات الفرنسية فيما يتعلق بمسائل حقوق الإنسان والفساد المالي الدولي.

كما أشار خبراء قانونيون إلى أنّ فرنسا تحاول الموازنة بين التزاماتها القانونية تجاه تونس وحرصها على حماية صورتها كدولة تحترم سيادة القضاء وحقوق الأفراد.

ماذا بعد؟

الخطوة المقبلة ستكون غدًا الأربعاء حين تمثل حليمة بن علي أمام النيابة العامة. القرار الذي سيُتخذ حينها سيحدد ملامح المسار القادم:

  • إما تسليم سريع، وهو احتمال ضعيف بالنظر إلى تعقيد الملف.
  • أو دخول القضية في مسار طويل من الطعون والاستئنافات قد يستمر لسنوات.

الخلاصة

حادثة إيقاف حليمة بن علي في باريس ليست حدثًا عابرًا، بل هي محطة جديدة في ملف لم يُغلق بعد منذ الثورة التونسية.

هي قضية تجمع بين القانون والسياسة، بين الذاكرة الجماعية للتونسيين ورغبتهم في العدالة، وبين العلاقات الدولية وتشابك المصالح.

ويبقى السؤال الأبرز:
هل ستكون هذه الخطوة بداية فعلية لمحاسبة أفراد من عائلة بن علي أمام القضاء، أم أنّها ستظل مجرد حلقة جديدة في سلسلة طويلة من التعقيدات القانونية والدبلوماسية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
belhaq-online