
في أعماق غابات مقاطعة يونان الجبلية جنوب الصين، تحدث ظاهرة طبيعية غريبة ومبهرة في آنٍ واحد: فطر متوهج ينبعث منه ضوء أخضر فسفوري ليلاً دون أي تدخل بشري. هذا الفطر، الذي يُعرف علميًا باسم Mycena chlorophos، أصبح حديث العلماء والمصورين وحتى السياح الذين يغامرون بالدخول إلى الغابات ليلاً لمشاهدته.
🌌 فطر يضيء… لكن كيف ولماذا؟
الفطر المُضيء يحتوي على مركب كيميائي يتفاعل مع إنزيم معين داخل خلاياه، وهو ما يُعرف بـ البيولومينيسينس (Bioluminescence). هذه العملية تشبه إلى حد كبير الطريقة التي تضيء بها اليراعات، ولكنها في حالة هذا الفطر تحدث في الأجزاء السفلية منه، مما يمنحه مظهرًا غريبًا كأن الأرض نفسها تشع نورًا!
وبالرغم من أن بعض أنواع الفطر المضيء موجودة في أماكن أخرى من العالم، إلا أن النسخة الصينية تتميز بلونها الأخضر الزاهي وبقدرتها على البقاء مضيئة لساعات طويلة بعد غروب الشمس.
🧬 اهتمام علمي متزايد
العلماء الصينيون، بالتعاون مع باحثين من جامعات أمريكية ويابانية، بدأوا بإجراء دراسات حول إمكانية استخدام هذه الظاهرة في تطبيقات طبية أو تكنولوجية، مثل:
- إنتاج إنارة طبيعية منخفضة التكلفة.
- تطوير أجهزة استشعار حيوية تعتمد على التوهج.
- دراسة آليات التوهج الطبيعي لتحسين جودة التصوير الطبي.
🧭 وجهة سياحية جديدة
المثير في الأمر أن هذه الظاهرة لم تظل حبيسة المختبرات، بل أصبحت عامل جذب سياحي لآلاف الزوار المحليين والأجانب. تنظم بعض الوكالات السياحية جولات ليلية مخصصة لرؤية هذا الفطر، مع دليل متخصص وملابس واقية من الحشرات والغابة الكثيفة.
⚠️ تحذيرات من الإفراط في الزيارة
على الرغم من الجمال الذي تقدمه هذه الظاهرة، إلا أن خبراء البيئة حذروا من التأثير السلبي للزوار على النظام البيئي الهش، خاصة أن بعض الأشخاص بدأوا في قطف الفطر المضيء وبيعه في السوق السوداء بأسعار خيالية.

🔚 في الختام:
تبقى الصين، كعادتها، موطنًا للغرائب والعجائب الطبيعية التي تثير الفضول وتستدعي التأمل. ظاهرة الفطر المتوهج ليست فقط مشهدًا بصريًا مدهشًا، بل هي أيضًا تذكير بقوة الطبيعة وعبقريتها في خلق الجمال، حتى في أعماق الغابات المظلمة.